مقابلة مع الموسيقي علاء زيتونة
علاء زيتونة هو عازف عود مع فرقة أسامبورا التي ابتكرت مقطوعات جديدة متعددة الألوان . باستخدام الموسيقى والرقص والضوء، بالإضافة إلى تركيبات الفيديو والصور، تتناول هذه المقطوعات موضوعات عن القرب والبعد وتدخل في حوار مع ذكريات أشخاص من أصول وأجيال مختلفة. بعد الحفلة الموسيقية متعددة التي قدموها في الكنيسة الأبرشية في برلين خلال الصيف، أتيحت لنا الفرصة لإجراء مقابلة معه
ماهو انطباعك عن الحفلة اليوم؟
قدمنا العرض في يوميين متتاليين وكان جيداً جداً ، إلا أنه في اليوم الثاني كان الأفضل بسبب زيادة الثقة عند العازفين وانخفاض التوتر الناتج عن عرض المشروع للمرة الأولى، وخاصة أن المؤلف كان يريد أن يعرف كيف ستكون ردة فعل الجمهور وهل سيحبونها. وحسب ما شاهدت فإنه نال إعجاب الجمهور بشكل كبير، بالاضافة إلى تفاعل الجمهور الكبير مع العرض
أما بالنسبة لي فقد شاركت بثلاث مقطوعات من أصل ثمانية، وبما أنني جلست خلف الجمهور بسبب توزعنا في القاعة بشكل كامل، فكنت بمثابة متفرج وشاهدت العرض كما شاهده الجمهور. ورغم حضوري للبروفات إلا أن العرض كان مختلف، فقد وصلت إلي مشاعر جديدة واستطعت أن أدرك تماما أهمية العرض وكم كانت طريقة العرض مميزة بالاضافة إلى توافق الموسيقى مع الراقصين ومع الفيديو المعروض على الحائط، وكيف تتضامنت مع بعضها لتخلق جو عاطفي وخاصة أن الموضوع كان عن القرب والبعد والذكريات. وبما أنني كان لدي تجربة سابقة مع أسامبورا في عمل (غريب وصلت وغريب سأغادر) حيث كان يتكلم عن الحنين والوطن والشوق وهذه المشاعر التي مررت بها في تجربتي الحياتية، فكان هذا العمل تتمة للعمل السابق الذي ترجم من أعمال المؤلف شوبيرت وتم ترجمتها على طريقة ماكسميليان
حدثنا قليلاً عن الذاكرة. الموضوع الذي كان أساس العرض اليوم كيف نقلت إلينا الموسيقى هذا الكم من فوضى المشاعر بطريقة سهلة غير متحيزة ومنفتحة؟
أدركت كمشاهد اليوم سواء بما قدم من موسيقى أو عرض راقص أو حتى النصوص التي عرضت على الحائط بلغات مختلفة، كم كانت مشاعري مختلطة وخاصة ارتباطها بذكرياتي في بلدي وقريتي والشوارع التي اعتدت المشي فيها والناس الذين أحببت أن ألتقي فيهم، ذكرياتي مع أمي وأهلي. الموضوع كان عاطفي كثيراً وهذا كان سبب من عدة أسباب دعاني للعمل مع أسامبورا فهم يعملون على مواضيع عميقة فهي ليست مجرد موسيقى، هي موسيقى ترتبط بفكرة
قدمتم عرض في هذه الكنيسة التي تعد من أقدم كنائس برلين، ما أهمية المكان في العرض ولما لم يكن خيار الكونسيرت مكان ليس له صفة دينية؟
سبب اختيارنا للكنيسة هو تصميمها الجميل جداً بهذا الشكل الدائري الذي خدم العرض بأن تكون الآلات الموسيقية موجودة في جميع الاتجاهات بهدف الحصول على رنين ثلاثي الأبعاد للموسيقى. إضافة إلى كون الكنيسة الأبرشية قد تعرضت الدمار خلال الحرب والتي تبدو حاليا كمان أثري مدمر فهذا كان أهم أسباب اختيار الكنيسة من قبل أسامبورا بهدف التذكير بالماضي أسامبورا تعتمد على ربط الثقافات مع بعضها البعض وخاصة الدينية، وهذا الهدف الأساسي توحيد الديانات الأساسية مع بعضها، ولو سنحت الفرصة في العمل في أماكن دينية إسلامية أو يهودية سنكون ممتنين كثيراً بحيث نستطيع إيصال الهدف والفكرة من العرض. فهذه الأماكن الدينية تخدم فكرتنا وخاصة أن مكسيميليان درس بجانب التأليف الموسيقي علوم إسلامية
حدثنا عن بدايتك مع فرقة أسامبورا؟
انضممت إلى اسمبورا منذ ثلاث سنوات تقريباً، حيث حضر قائد الفرقة ماكسيميليان أحد العروض التي كنت أقدم فيها أعمال عربية بمنظور مختلف في محاولة لدمج الموسيقى الشرقية مع الموسيقى الغربية في هارموني خاص ومتنوع، وكان مشروع مع موسيقيين ألمان وروس وسوريين. ثم دعاني ماكسيمليان إلى الانضمام إلى الأكيسترا وكانت مشاركتي الأولى مع اسمبورا في تسجيل السيدي الأول بعنوان (غريب وصلت وغريب سأغادر) الذي يربط عمل شوبيرت رحلة الشتاء بالموسيقى الفارسية التقليدية وفاز بجائزة أفضل مؤلف لعام 2020
فقد كان المشروع ناجح جداً وكانت هذه البداية، وثاني مشروع كان عرض النور الأبدي وهو تأليف حديث من قبل ماكسيميليان غوت وكان يربط الموسيقى الشرقية أوسطية بمؤلفات موزارت و يدور حول الحياة بعد الموت والضوء الأبدي والخلود، والذي قام بتفسيرها موزارت. وقد نال هذا العمل نجاحاً كبيراً أيضاً، وخلال فترة كورونا كانت العروض قليلة ولكننا استطعنا التحضير للعرض الذي قدمناه اليوم.ة
لقد كان لديك اوركيسترا شرقية في مدينة السويداء، ماهي الإضافات التي قدمتها من تجربتك الشخصية إلى أسامبورا ؟
كنا مجموعة من العازفين الشباب نجتمع في نادي صيفي في قريتي في محافظة السويداء السورية، وتطور الأمر لتأسيس أكيسترا شرقية أضفنا عليها طابع كلاسيكي غربي. ومن هنا اكتسبت خبرة أكبر في التوزيع الموسيقي الشرقي مع الموسيقى الغربية وهذا ما مكنني لاحقاً في اسمبورا من أن أعيد توزيع بعض المقطوعات الشرقية
في صفحتك على اليوتيوب ذكرت بما معناه أنك لا تنتمي إلى التاريخ ولا الجغرافيا ولا إلى الأديان، الموسيقى وحدها يمكن أن ترسم عالم مثالي، ما الرسالة التي أردت إيصالها؟
أريد أن أنوه بداية إلى أني أحترم جميع الأديان وهذه أحد العناصر الأساسية التي تجمعني باسمابورا هو احترام الثقافات والأديان، وكانت أحد الأهداف الأساسية والأفكار المطروحة في أسامبورا هو توحيد الأديان والثقافات
عدم انتمائي إلى دين معين أو ثقافة معينة لا يعني الإلحاد أو رفض الأديان، بالعكس تماماً حسب اعتقادي، إن هذه التصنيفات التي وضعناها سواء بوضعنا الحدود الجغرافية أو التاريخية أو تصنيفات دينية أو طائفية، حدت من جمال الإنسان الذي هو أعلى من أي تصنيف إن الله خلق هذا الكون بهذا التناسق ولم يضع حدود أو قانون، وهذا الفصل بين البشر على أساس عرقي أو ديني هو من صنعنا نحن، فأنا كإنسان يحق لي أن أعيش بأي مكان لأني أنتمي إلى كل مكان على هذه الأرض